من بلاغة القرآن: عيسى عليه السلام ليس له قوم !!
في قصص الأنبياء نجد أن كثيراً من الأنبياء خاطبوا قومهم بكلمة يا قومِ.. فهذا هو سيدنا نوح يقول: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) [الأعراف: 59].
وهذا هو سيدنا هود عليه السلام يقول لقومه: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ ) [هود: 50].
كذلك فإن سيدنا صالح عليه السلام يقول لقومه: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ ) [هود: 61]
(وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: 80]..
: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) [البقرة: 54].
وهكذا حال كثير من الأنبياء.
الحال يختلف مع سيدنا عيسى .. فلا توجد أي آية في القرآن تجمع كلمة (عيسى) أو (المسيح) مع كلمة (قوم).. فكان يخاطبهم بقوله: يا بني إسرائيل دائماً من دون أي ذكر للقوم. يقول سيدنا المسيح: (وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) [المائدة: 72]
الآية الوحيدة التي ذكر فيها سيدنا عيسى مع كلمة (قوم) هي: (وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) [الزخرف: 57]. وكلمة (قَوْمُكَ) هنا لا تدل على قوم عيسى، بل قوم محمد صلى الله عليه وسلم لأن الخطاب في هذه الآية للنبي الكريم!! أي أن عيسى ليس له قوم! ما هو السرّ؟
حتى عندما تحدث القرآن عن السيدة مريم أم المسيح نسبها إلى قومها.. قال تعالى: (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا) [مريم: 27]. ولكن المسيح لم يُنسب لأي قوم في القرآن.
إن نسبة الإنسان تكون دائماً لأبيه، فالأب ينتمي لقبيلة أو قوم أو بلد.. وكذلك فإن الابن ينتمي لنفس القبيلة أو القوم أو البلد... فسيدنا نوح ينتمي لأب من قومه ولذلك نُسب إليهم، وسيدنا إبراهيم ينتمي لأبيه آزر من قومه فنُسب إلى قومه... وهكذا.. وهنا نتساءل: لمن ينتمي سيدنا المسيح؟ طبعاً لا ينتمي لأي قوم لأنه وُلد يمعجزة وجاء إلى الدنيا من غير أب !! ولذلك من الخطأ أن يقول المسيح لبني إسرائيل: يا قوم!! وكان لابد أن يناديهم بقوله: يا بني إسرائيل.. وهذا ما فعله القرآن.. ولا توجد ولا آية واحدة تشذّ عن هذه القاعدة.
فانظروا إلى دقة هذا الكتاب العظيم ... هل هو كلام بشر؟ أم كلام خالق البشر تبارك وتعالى؟
ملخص بحث ل م / عبد الدايم الكحيل
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد