من أروع أمثلة الإعجاز البيانى فى القرآن .. ما حكاه الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمه الله ..
فى تفسيره لآية وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ..... الزخرف 84
من المعروف فى اللغة العربية أن النكرة إذا كُررت فى جملة فإنها تعنى شيئين مختلفين .. كما تقول مثلا ( صادقت رجلا و أطعمت رجلا ) فهنا الرجل الأول غير الثانى .. أى يكون المعنى أنك صاقت رجلا و أطعمت رجلا آخر غير الأول
و أن المعرفة إذا كُررت فإنها تعنى نفس الشىء .. كأن تقول مثلا ( صادقت الرجل و أطعمت الرجل ) فهنا يكون المعنى أنك صادقت الرجل و أطعمت نفس الرجل ..
أما فى الآية السابقة .. فلقد ذكر الله تعالى أن فى الأرض ( إله ) وفى السماء ( إله ) وهما نكره .. مما يعنى أن إله الأرض غير إله السماء كما تحكم بذلك قواعد اللغة !!
ذهب الشيخ الشعراوى بهذه الآية المعضلة التى صعب عليه فهمها إلى الشيخ محمد شلتوت وكان شيخ الأزهر و أول من أطلق عليه الإمام الأكبر .. وعرض عليه مسألته بعد صلاة العصر .. وبينما علماء الأزهر مجتمعون يتدارسون هذه الآية العجيبة .. إذا برجل من عوام الناس البسيطة – الله أعلم بمكانته – يقترب من جمعهم .. ويقول لهم متلطفا : أيها العلماء .. أشغلتكم لفظة إله ونسيتم كلمة ( الذى ) التى قبلها !!
وكأنهم قد أفاقوا من ثُبات .. نعم لقد انحل الآن الإشكال .. فلفظتى ( إله) الأولى والثانية تكونا هنا صلة الموصول .. وصلة الموصول معرفة ..
سبحانك يا رب العزة .. لو أن هذا القرآن قد حُرف منه لفظ واحد – ككلمة الذى مثلا فى هذه الآية – لأصبح تفسيره مغلوطا لا يهدى بل يضل .. حقا ... الحمد لله الذى قال :
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) نقلا عن فضيلة الشيخ الشعراوى ... إعداد د / حازم فتحى
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد